الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

أسرار جديدة عن جرائم فرنسا في الجزائر

832947
بمناسبة إحياء الذكرى الـ52 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960، اليوم الثلاثاء، تكشف الوسط أسرارا جديدة عنجرائم ارتكبتها فرنسا على مدار سنوات احتلالها للجزائر (1830 – 1962) الكثير من الجرائم ضدّ الجزائريين،وظلّ هذا الملف في عداد المسكوت عنه، إلى غاية تسريب وثائق تاريخية كشفت عن حجم الإبادةالجماعية المنظمة التي مارسها الفرنسيون.
وتبيّن المعلومات الفرنسية القليلة التي جرى كشفها للرأي العام مغالطات كثيرة ومشوهة، على خلفيةتخوف باريس من مغبة الكشف عن خطايا نظامها الكولونيالي، ويكفي الحديث عن 1200 مقبرة خاصةبشهداء الحقبة الاستعمارية، وقيام فرنسا بإحراق 8 آلاف قرية، إضافة إلى سجنها وتنكيلها بمليونيجزائري، لإظهار بشاعة الصورة الاستدمارية التي تنقل “افتتاحية الجزائر” بعض مشاهدها المؤلمة فيمايلي.

محرقة 4 ديسمبر 1852

نفذ المحتل القديم قبل أزيد من قرن ونصف بولاية “الأغواط” محرقة ظلت طي الكتمان رغم فضاعتها،وتسبب الجلادون الفرنسيون في إزهاق أرواح 2500 جزائري غالبيتهم من الأطفال والرضع والنساء، حصلذلك خريف سنة 1852، حيث يؤكد مؤرخون أنّ الجنود الفرنسيين آنذاك أقدموا في همجية على وضع كثيرمن المدنين العزل في أكياس وحرقهم أحياء وهم مخدرين.
 وبحسب تقرير فرنسي موثق في 60 صفحة، شهد صباح الرابع ديسمبر 1852، شن هجوم من لدن أفرادالجيش الفرنسي السكان المحليين، مستعملين سكان منطقة الأغواط كفئران تجارب، وكما يقال “شهدشاهد من أهلها، حيث اعترف الكيميائي الفرنسي “أوكسينال بودانوس” بتلك الجريمة في مراسلة بعثبها إلى الماريشال فيالاتيه، قائد الأركان الفرنسية وقتذاك، وعثر على الوثيقة/الفضيحة على مستوى إدارةالأرشيف الفرنسي الخاص بالجزائر، والذي لا تزال باريس تعارض تسليمه بالكامل إلى مستعمرتها القديمة.

أفران سطيف، قالمة وخرّاطة
قبل 67 سنة، سقط 45 ألف جزائري في محرقة مروعة ارتكبها جيش الاحتلال الفرنسي ضدّ مدنيين عزلفي الثامن ماي 1945، عندما خرج الجزائريون في مناطق سطيف، قالمة وخرّاطة في مظاهرات سلميةمطالبين بالاستقلال وجلاء القوات الفرنسية عن الجزائر، بعد فوز الحلفاء على النازية، لكن القيادة الفرنسيةآنذاك أصدرت أوامر صريحة بقتل المتظاهرين، ما تمخض عن ارتكاب جريمة مدوية لا تزال كثير من آثارهاماثلة إلى اليوم، على نحو جعل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يشبّه الذي حدث في ذاك اليوم الأسود بمااقترفته “أفران النازية“.
ويقول الوجه الثوري المخضرم الأخضر بورقعة، إنّ الوضع العام قبيل تلك المجازر، طبعته جهود حثيثة منمختلف ناشطي الحركة الوطنية التحررية في الجزائر لتحرير كبار القيادات على غرار أب الحركة الوطنيةمصالي الحاج، بجانب سعيهم لتحرير الجزائر من ربقة احتلال بدأ في جويلية 1830.
وبحسب المجاهد البارز أحمد محساس، فإنّ المظاهرات سعت بشكل ما إلى ممارسة ضغط علىالفرنسيين من خلال إظهار قوة الحركة الجزائرية ووعي جماهيرها بمطلب الاستقلال، ويضيف محساس أنّالمظاهرات عمت كل القطر الجزائري في الفاتح ماي 1945، ورُفعت خلالها الراية الجزائرية، كما جرى فيهااستنكار الاضطهاد الفرنسي للجزائريين.
واتخذت الادارة الاستعمارية الفرنسية مقتل اثنين من شرطييها في العاصمة، لتبدأ سلسلة من الاعتقالاتوالضرب وجرح الكثير من الجزائريين، بينما تكثفت المظاهرات الشعبية الحاشدة في مدينة سطيف، لتشتدّوطأة الرد الفرنسي باقدام عسكرييها على انتهاج أسلوب القمع والتقتيل الجماعي، في مخطط إبادةشاملة استخدمت فيه القوات البرية والجوية والبحرية، ما أسفر خلال يومي الثامن والتاسع ماي 1945، عنمقتل 45 ألف جزائري وتدمير أكثر من ثمانية آلاف قرية بأكملها، ووصلت تقديرات أخرى إلى الحديث عنسقوط بين 50 إلى 70 ألف شهيد في مجازر بشعة عرّت مستوى التحضر والحرية والإنسانية الذي طالماتفاخر الفرنسيون بتعاليمها.
ويقول المجاهد المخضرم إبراهيم عليوش إنّ الكشّاف بوزيد سعال أول من استشهد في تلك المجازر عندمارفض إنزال العلم الجزائري فأطلقت الشرطة النار عليه، وأعقب تلك الإبادة فرضا للأحكام العرفية في كاملالمنطقة واعتقال أربعة آلاف شخص حكم على 99 منهم بالإعدام، كما جرى إحراق المزيد من البلدات.
وفيما يصف الكاتب الفرنسي رانسيس زانمبوني مجازر الثامن ماي في الجزائر بكونها تضاهي تلك المجازرالمرتكبة ضد الهنود الحمر، يقول الحقوقي الفرنسي جيل مونسرون، إنّ المجازر المرتكبة كانت فظيعةللغاية، وارتكب فيها السفاح “أندري آسياري” وميليشياته جرائم عديدة، حيث جرى التنكيل بجثث آلافالشهداء، غالبيتهم من الأطفال والرضع والنساء، وتمّ استخدام غاز “الكلورفوروم” الذي أدى إلى وضع كثيرمن المدنيين العزل في أكياس وحرقهم أحياء وهم مخدرين، علما إنّ الغاز المذكور يؤدي إلى تنويم الناسوشل أعضائهم وتعطيل نشاط الدماغ.
وأبرز شهود عيان، همجية جنود الاحتلال الفرنسي وقتئذ، حيث هاجم هؤلاء ضحاياهم في صباح ذاك اليومالأسود، مستعملين مدفعيات محشوة بمادة الكلورفوروم¬، قبل وضع ما يقارب 2500 شهيد في أكياسوحرقهم أحياء، وهي جريمة دفعت المؤرخ الفرنسي جان لوي بلانش إلى وصف مجاز الثامن ماي بـإرهابدولة، وأوضح بلانش الأستاذ بجامعة باريس، أنّ مصالح المخابرات الأميركية التي عرفت آنذاك باسمأو اساس” والتي تم حلها في سبتمبر 45 لتستخلفها المصالح المعروفة اليوم بـالسي أي إيه، أشارت فيتقاريرها إلى أن ما حدث آنذاك “يعدّ إرهابا مباشرا ارتكب في حق الجزائريين“.
 إعدامات ميسونيي.. بابون والآخرين
لم يتورع ميسونيي كما أوساريس.. بيجار .. بابون وقائمة الجلادين الفرنسيين الطويلة، عن (التباهي)بالإعدامات التي نفذوها بحق الجزائريين، وعكست اعترافات الواحد تلو الآخر “السادية الفرنسية” المتكرسةعلى مدار سنين الاحتلال.

ويكشف فريناند ميسونيي في كتابه ”كلمة جلاد، عن تنفيذه لمائتي عملية إعدام بالمقصلة بين سنتي1947 و1960، لكنّه لا يبدي أي ندامة، بل على العكس من ذلك يبدي تأسفه لكونه لم يدوّن إعداماته بالصوتوالصورة، وينتهي ميسونيي إبداء حسرته نظرا لأنّ “استقلال الجزائر تسبب في بطالته” (!؟)،
هذا المشهد المؤسي تكرّر مع آلاف العمال الجزائريين المهاجرين الذين تظاهروا بشكل سلمي يوم الثلاثاء17 أكتوبر 1961، حيث فضّل النظام الاستعماري الفرنسي، استخدام آلة الفتك الرهيبة مجددا تحت ظلالجمهورية ديغول الخامسة، بإصدار السفاح الفرنسي المعروف “موريس بابون” رئيس شرطة باريس آنذاكأوامر إلى ضباطه وعدد من الحركيين بقمع المظاهرة، فتحولت مسيرة سلمية لنحو 30 ألف متظاهر، إلىمجزرة شنيعة راح ضحيتها آلاف الأبرياء عصفت بهم آلة القتل والسجن والتعذيب والطرد.
وبحسب مؤرخين، أسفرت تلك الجريمة – استنادا إلى بيانات رسميةعن سقوط 300  شهيد قضوا غرقافي نهر السين، إلى جانب 400 مفقود لا يزال مصيرهم مجهولا، كما أفادت شهادات حية، أنّ عشرات الجثثظلت تطفو فوق نهر السين أياما عديدة، وعشرات أخرى اكتشفت في غابتي بولونيا وفالونسيان، بالإضافةإلى عدد غير معروف من الجزائريين تم التخلص منهم رميا من على متن الطائرات ليبتلعهم البحر بعد ذلك،وهي اعتداءات لا إنسانية وجرائم وحشية، أثارت تقزّز الفرنسيين ذاتهم على غرار الكاتب الفرنسيالمعروف جون لوك إنودي.
وبقيت المفارقة المؤلمة أن الحكومة الفرنسية التي سارعت لإدانة السفاح بابون على جرائمه في حقاليهود، بينما تجاهلت كليا جرائمه في حق الجزائريين، رغم ثبوتها بالأدلة القطعية (..).


حينما استخدم 42 ألف جزائري كـفئران تجارب

بتاريخ 13 فيفري 1960، أقدمت فرنسا على تفجير أولى قنابلها النووية ببلدة الحمودية في  صحراء رقان(1600 كلم جنوب الجزائرووصلت طاقتها التفجيرية إلى حدود 70 كيلوطناً، راح ضحيتها نحو24  ألف جزائريفي مأساة أطلق عليها مختصون “اليربوع الأزرق، ويشدّد خبراء على أنّ تجربة 13 فبراير 1960 كارثة نوويةبكل المقاييس، إذ فاقت قوتها التفجيرية سبعة أضعاف ما خلفته قنبلتي هيروشيما وناجازاكي في الحربالعالمية الثانية، بدليل أن ثماني تجارب بمجموع قوة وصلت 234 كيلوطن من المتفجرات، خلال فترة هبوبالرياح الرملية بالصحراء، وهـو مـا تؤكده بيانات تاريخية محفوظة.
ويطالب آلاف الضحايا وسكان المنطقة بمعرفة حقيقة ما جرى وتقديم فرنسا لاعتذار رسمي وكذا تعويضات،بعد إصابة هؤلاء بآثار اشعاعية إثر 17 تفجيرا نوويا نفذتها فرنسا بين فيفري 1960 ونوفمبر 1966، كما دعتجمعية 13 فبراير 1960 التي تمثل الآلاف من ضحايا التفجيرات، بفتح الملف مجدداً، وإرغام” باريس علىكشف الحقيقة كل الحقيقة حول التفجيرات الـ17 وآثارها على الإنسان والبيئة والحيوان، سيما أن 42 ألفجزائري استخدمتهم فرنسا كـ ” فئران تجارب، وأصيبوا بإشعاعات أو تضرروا من هذه التفجيرات النووية.
ويقول متحدث باسم جمعية 13 فيفري 1960، إنّ فرنسا الاستعمارية سعيا منها للانضمام للنادي النووي،استخدمت أبناء المنطقة رجالا ونساء وبعض الأسرى والمجاهدين وعناصر من اللفيف الأجنبي وحيواناتوحشرات وطيورا وبذور نباتات مختلفة، كحقول تجارب وتم ربط وصلب الضحايا لساعات مبكرة قبل كل عمليةتفجير خاصة منها السطحية، وقبل وإثر كل جريمة يتم إحصاء القرى والضحايا، كما كان اختيار فترة أغلبالتفجيرات غير سليم لاعتبارات تتعلق بالمناخ في المنطقة، أما النتائج فكانت وماتزال وخيمة بحسبالباحثين والسكان؛ على غرار ما أفرزته من أمراض السرطان والجلد والعيون والتشوهات الخلقيةالمستفحلة.
ويذكر شهود عيان لا زالوا أحياء، أنّه منذ أول تفجير نووي لم يروا خيرا، حيث تفاقمت الوفيات دون أعراضمرضيـة معروفة، بجانب كثرة الحساسية الجلدية عند السكان المحليين، بجانب فقدان البصر والسمعوالأمراض التنفسية، وظهرت أعراض غريبة على المرضى، منها ظاهرة صعوبة تخثر الدم عند الجرحى، كمالوحظت حساسية مفرطة عند الأطفال بعد إجراء بعض التلقيحات، وغالبا ما تلاحظ مضاعفات عقب تلقيالمرضى لجرعات أو حقن المضادات الحيوية، كما لوحظت ظاهرة التشوهات الخلقية لدى المواليد الجدد،كصغر حجم الجمجمة أو ما يصطلح عليه طبيا ”ميكرو سيفالي” أو تضخمها ”ماكرو سيفالي، كما انذهبتمظاهر الربيع، وتراجع عمر الإبل إلى أقل من 20 سنة، وحتى الأشجار اصيبت بالعقم.
والزائر اليوم لمنطقة رقان يقف على خطورة انتشار أمراض العيون وتراجع الولادات، وتوضّح أبحاث أنه ورغممرور 47 سنة على أول تفجير نووي بالصحراء الجزائرية، إلاّ أن قطر المنطقة المحيطة، لا يزال مشعا بصفةحادة ما دفع السلطات لحظر الدخول إليها، كما أنّ المساحات التي استهدفها الإشعاع كانت شاسعة وأكبرمن المتوقع ومتداخلة التأثيراتوالأخطر جدا، هو أن فرنسا لم تسلّم لحد الآن أي خرائط لمواقع التفجيرات،وكل ما أفلحت فيه هو تحطيم الطريق الموصل لقاعدة “الحمودية” وترك بعض الآليات عرضة لزحف الرمالالملوثة، فضلا عن فقدان بعض إشارات مواقع الخطر بفعل هبوب العواصف وزحف الرمال، في حين كشفتدراسات أنّ تجربة مونيك (27 فيفري 1965) التي أجريت بجبل إينكر كانت الأقوى (127 كليوطناوأنّ خبراءيهود كانت لهم يد في عديد التفجيرات تبعا للتعاون النووي الفرنسي الاسرائيلي.
ويؤكد البروفيسور عبد الكاظم العبودي المختص في علوم الفيزياء، إنّ تلك التفجيرات النووية تعدّ “جرائمتتجاوز فضيحة المجازر ضد الإنسانية، وذكر العبودي الذي اشتغل على الملف لسنوات طويلة، إنّ فرنساحاولت من وراء تجاربها، تجسيد مشروعها النووي العسكري من خلال اختيار بعض مستعمراتها في افريقياوالمحيط الهادئ وكذلك صحراء الجزائر لإجراء تجاربها، وأشار العبودي إلى جسامة الخسائر البيئيةوالمشاكل الصحية التي تعرض لها سكان هذه المناطق من جراء هذه الانفجارات، والتي لا تزال تبعاتهامعايشة إلى غاية اليوم.
الألغامآلة قتل فرنسية تتربص بالجزائريين
تمثل 11 مليون لغم زرعها الجيش الفرنسي في الجزائر خلال ثورة التحرير، آلة قتل رهيبة لا تزال تتربصبحياة الجزائريين، بعدما تسبّبت بمقتل ما لا يقل عن 12 ألف شخص، بينهم 7328 ضحية خلال السنواتالعشر الأخيرة، ناهيك عن تسببها في إعاقات وعاهات مستديمة لمئات الآخرين، وهي أرقام مخيفة برأيالخبراء.
الألغام التي زرعتها فرنسا في الجزائر أيام احتلالها قبل نحو نصف قرن، ستستمر في تهديد حياة الجزائريينإلى العام 2012، تبعا لكشف بيانات رسمية عن ثلاثة ملايين لغم مضاد للأفراد، ما تزال مطمورة على طولالحدود الغربية والشرقية للجزائر شرقا وغربا بطول 1160 كلم، بعدما نجح الجيش في إتلاف ثمانية ملايينلغم خلال السنين الماضية.
وقال متحدث باسم اللجنة الوزارية الجزائرية المشتركة المكلفة بمتابعة تنفيذ اتفاقية أوتاوا الدولية الخاصةبالوقاية من الألغام المضادة للأشخاص، أنّه على الرغم من قطع السلطات الجزائرية خطوات كبيرة فيمجال نزع الألغام التي زرعها المستعمر الفرنسي على طول الحدود الجزائرية المغربية والجزائريةالتونسية، إلاّ أنّ هذه الألغام تهدّد حياة المئات من الأبرياء، سيما قاطني الحدود وكذا البدو الرحل، وتوقعتاللجنة المذكورة في تقرير لها إنّ الخمس سنوات القادمة كفيلة بإزالة آثار الألغام، إذا ما جرى إتباعاستيراتجية فعّالة على هذا الصعيد.
وإذا كانت باريس أقدمت في أكتوبر 2007، على تسليم خرائط الألغام التي زرعتها سنة 1957، وعٌرفتبخطي (شالو(موريسلمنع تسلل مقاتلي جيش التحرير الجزائري من التسلل عبر الحدود الغربيةوالشرقية للبلاد، إلاّ أنّ الخطوة لم تحل دون مقتل خمسة أشخاص من عائلة واحدة بولاية بشار، هم أربعةأطفال ووالدتهم، وجميعهم من عائلة واحدة، وأتى الحادث إثر انفجار لغم مضاد للأشخاص داخل خيمةالعائلة الصغيرة التي تنتمي إلى البدو الرحل.

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets