عبد القادر الجزائري
هو الشيخ عبد القادر بن محيي الدين بن مصطفى الجزائري الحسني، يتصل نسبه بالإمام الحسين بن علي (1222/1808ـ 1300/1883) ولد في قرية القيطنة التابعة لوهران، من عائلة مرابطيّة كريمة مشهورة بالفضل والكرم حفظ القرآن، وتعلم مبادئ العربيّة على يد أبيه، ثم قرأ على يد الشيخ أحمد بن طاهر القرآن والحديث وأصول الشريعة، واستكمل فنون العلوم في وهران، فدرس الفقه والحديث والفلسفة والجغرافيا والتاريخ، ونال شهادة حافظ . اشتهر في صباه بشدّة البأس، وقوّة البدن، والفروسيّة ؛ بايعه رؤساء القبائل العربيّة سنة 1248/1832 بعد أبيه على نصرة الإسلام، ولقّبوه بناصر الدين، فجمع كلمتها، وخاض المعارك دفاعا عن استقلال المغرب العربي، وانتصر في معركة وهران . عقد مع الفرنسيّين معاهدة 1250/1834 وتفرّغ للإصلاحات الداخليّة، ونظّم دولته على أسس إسلاميّة، ولم يعترف بسيادة فرنسا على بلاده، وكان حاكماً جريئاً، شجاعاً، يتقدّم الجيوش بنفسه، نظّم مملكته إلى ثماني خلافات، وأقام جهازاً إدارياً مسلسل الرئاسات، ونظّم القضاء، وأسّس مجلساً ثورياً، وأنشأ مصانع الأسلحة والبارود، وملابس الجند، وجمع الزكاة، وبنى مدينة (تقدمة) وكثيراً من المعامل، وافتتح المدارس، وضرب النقود (المحمديّة) ونظّم جيشاً قوامه عشرة آلاف جندي .
توفي بدمشق، ودفن بالصالحيّة، ونقل رفاته إلى الجزائر بعد الاستقلال.
له الدواوين والكتب التالية:
ألف في التصوف كتاب: (المواقف) و(المقراض الحاد لقطع لسان منتقص دين الإسلام بالباطل والإلحاد) و(ذكرى الغافل وتنبيه الجاهل) وكانت له قدم راسخة في الشعر، جمع شعره في ديوانه (نزهة الخاطر) .
و على عكس ما يظنه البعض فان الامير عبد القادر كتب اشعارا في الغزل العفيف في قمة الروعة و الجمال رغم باسه و شجاعته و علمه.
بعد أن سقط أسيرا و طائفة ممن معه من المجاهدين في قبضة الجيش الفرنسي ، و بعد أن خيره الفرنسيون بين جملة من البقاع ليختار منها منفى له و لأصحابه مقحمين في ثنايا عرضهم أشكالا من الإغراءات ليكون اختياره فرنسا ، أصر الأمير المجاهد أن يكون منفاه إلى الشام و تحديدا إلى سوريا ، فكان له ما أراد بعد شد و جذب ...
فما راعه و هو في منفاه إلا حنينا ملك عليه كل أمره لزوجته التي حيل بينه و بين مضيها معه ، فكتب هذه الأبيات يشكو إليها ما يعانيه من جمر الشوق و لوعة البعاد ..
قال رحمه الله :
أقول لمحبوب تخلف من بعـــــــــــدي --- عليلا بأوجاع الفراق و البعـــــــــــــد
أما أنت حقا لو رأيت صبابتــــــــــي --- لهان عليك الأمر من شدة الوجـــــــــد
و أرى المسكين عذبــــــه النـــــــوى --- و أنهاه حقا إلى منتهى الحــــــــــــد
و إني و حقِ الله دائـــــم لوعـــــــــــة --- و نار الجوى بين الجوانح في وقــْـــد
ومـن عجب صبري لكل كريهــــــــــة --- وحملـيَ أثـقـالاً تـجـلّ عن العـــــــــد
و لست أهاب البيض كلا و لا القنــــا --- بيوم تصير الهام للبيض كالغمـــــــــد
وأرجاؤه أضحـت ظـلاما وبرقــــــــه --- سيـوفـا وأصـوات الـمدافع كالرعد
ولا هالني زحف الصفوف وصوتهــــا --- بيوم يشيب الطفل فيه، مع المــــــرد
وقد هالني بل قد أفاض مدامعـــــي --- وأضنى فؤادي بـل تعدى عن الحـــد
فـراق الذي أهـواه كهـلا ويافعــــــا --- وقلبـي خـليٌّ من سعادٍ، ومن هــــند
ألا هل يجود الدهر بعد فراقنــــــــــا --- فيجمعنا و الدهر يجري إلى الضــــد
و أشكوك ما نلت من تعب و مــــــــا --- تحمله ضعفي و عالجه جهــــــــــدي
كي تعلمي أمّ البنينَ بأنـــــــــــــــــه --- فراقك نار و اقترابك من الخلـــــــــد
جهاده ضد الفرنسيين :
1- كانت الفترة الأولى من (1832 ) وحتى (1839 ) وفيها احتل مدينة ( تلمسان ) واعترف له الفرنسيون بحكم غربي الجزائر ماعدا الساحل ، ثم عقدت معه معاهدة ( تفنا ) في (1938) وتخلت له عن حكم ( وهران ) ...
2- المرحلة الثانية حيث حشدت له فرنسا (200) ألف جندي بقيادة ( بوجو ) الصليبي الحاقد على المسلمين ، فكانت ألأعمال الوحشية وسياسة الأرض المحروقة ، يقول ( سنت أرنو ) أحد معاوني ( بوجو ) : [ في ايار 1842 ، لقد كانت حملتنا تدميراً منظماً أكثر منها عملاً عسكرياً ، ونحن اليوم في وسط جبال ( مليانة ) لانطلق إلا قليلاً من الرصاص ، وإنما نقضي وقتنا في حرق جميع القرى والأكواخ ... ويقول أيضاً [ إن بلاد ( بن مناصر ) بديعة جداً ، لقد أحرقناها كلها ... كم من نساء وأطفال اعتصموا بجبال الأطلس المغطاة بالثلوج ، فماتوا هناك من الجوع والبرد ...
وفي حادثة ( ولد رياح ) عندما لجأ ألف مواطن جزائري إلى بعض الكهوف ، فانقض عليهم القائد الفرنسي ( بلسييه ) وأوقد النار على أفواه الكهوف ، فماتوا فيها اختناقاً ... وحيال ذلك تناقص سكان الجزائر من (4) مليون إلى ( 2 ) مليون خلال سبع سنوات فقط ...
وأمام ذلك كان لابد من إيقاف الحرب ، وخاصة بعد أن هادن سلطان المغرب ( عبد الرحمن بن هشام ) الفرنسيين ، بعد أن هددوه باستعمال القوة ، وتعهد أن يتخلى عن مناصرة الأمير عبد القادر ويخرجه من بلاده ، واضطر الأمير عبد القادر للاستسلام في (1847 ) ونفي إلى (تطوان ) ومنها إلى ( أنبواز ) ثم استقر في دمشق (1271ه) وتوفي فيها عام (1883م ) .
بقلم عبدالغاني طاهري
أنا من الجزائر، احب أن أضع بين أيديكم هدية قيمة تتجلى في تاريخ الجزائر العميقة، وخطرت لي فكرة عمل مدونة تضم تاريخ الجزائر العظمى برجالها ، فأرجوا ان تستفيدوا من المقالات القيمة التي تحتوي عليها المدونة
قسم : الحروب
0 التعليقات:
إضغط هنا لإضافة تعليق
إرسال تعليق
Blogger Widgets